كيفية معالجة السلوكيات الخاطئة في العمل

نصائح لمعالجة السلوكيات الخاطئة في العمل

تعد بيئة العمل من الأماكن التي يتداخل فيها العديد من العوامل النفسية والاجتماعية التي تؤثر على سلوك الأفراد. في بعض الأحيان، تظهر بعض السلوكيات غير المرغوب فيها التي قد تؤثر سلبًا على الأداء العام للمؤسسة أو الفريق. تتنوع هذه السلوكيات بين التقاعس، قلة الالتزام، التصرفات العدوانية، وغيرها من الأفعال التي قد تكون في بعض الأحيان غير مقصودة، لكنها تتراكم لتؤثر على العمل بشكل عام. لذلك، من الضروري معالجتها بطريقة بنّاءة وصحيحة، لتحقيق بيئة عمل صحية ومنتجة.

أولًا: تحديد السلوكيات الخاطئة بدقة

أحد أهم الخطوات لمعالجة السلوكيات الخاطئة هو تحديد هذه السلوكيات بدقة. في كثير من الأحيان، قد تكون السلوكيات غير واضحة أو يصعب تحديدها بشكل جلي. فمثلاً، قد يعتقد بعض الموظفين أن التأخير عن مواعيد العمل أمر طبيعي، بينما قد يعتبره آخرون تصرفًا غير مهني. لذلك، يجب على المديرين والمشرفين مراقبة السلوكيات بشكل دقيق والتأكد من فهم الفرق بين ما هو مقبول وما هو غير مقبول في بيئة العمل.

من أجل تحديد السلوكيات الخاطئة، يمكن النظر في بعض المواقف أو الأنماط المتكررة مثل:

1. التأخر المستمر عن مواعيد العمل أو الاجتماعات.

2. التسويف والمماطلة في إتمام المهام.

3. التصرفات العدوانية أو العدوانية السلبية تجاه الزملاء.

4. عدم الالتزام بالمعايير أو القيم الأخلاقية للمؤسسة.

5. سوء التواصل أو الانقطاع المستمر عن الفرق الأخرى.

ثانيًا: التركيز على التواصل الفعّال

يُعتبر التواصل الفعّال حجر الزاوية لمعالجة أي مشكلة أو سلوك خاطئ في بيئة العمل. من المهم أن يتبنى القادة نهجًا تواصليًا مباشرًا وغير هجومي مع الموظفين الذين يظهرون سلوكيات خاطئة. ينبغي أن يتم هذا التواصل بشكل خاص بعيدًا عن الآخرين، حتى لا يشعر الموظف بالإحراج أو الهجوم.

يجب على المديرين أن يوضحوا للموظفين السلوكيات غير المقبولة، مع تقديم أمثلة ملموسة على ما يمكن أن يؤدي إلى تحسين الوضع. يمكن أن يشمل ذلك تحديد المواعيد النهائية المتفق عليها وتوضيح العواقب التي قد تنشأ إذا استمر الموظف في هذا السلوك.

من المفيد أن يستخدم المديرون لغة غير هجومية، مثل استخدام “أنا ألاحظ” بدلاً من “أنت تفعل”، لأن ذلك يساهم في خلق جو من التعاون بدلاً من التوتر. كذلك، يجب أن يكون التواصل قائماً على الاستماع الفعّال للموظف وتفهم دوافعه وأسباب تصرفاته.

ثالثًا: تقديم التوجيه والتدريب المستمر

من أهم الأسباب التي تؤدي إلى السلوكيات الخاطئة في العمل هو نقص التدريب أو الفهم غير الكامل للمهام المطلوبة. قد لا يكون الموظف مدركًا تمامًا لما هو متوقع منه أو قد تكون هناك فجوات في مهاراته التقنية أو الاجتماعية. من هنا يأتي دور الإدارة في تقديم التوجيه والتدريب المستمر لتحسين الأداء وتوضيح الرؤية المتوقعة من الموظف.

تتمثل بعض الطرق التي يمكن بها تقديم التدريب والتوجيه في:

1. برامج التدريب والتطوير المنتظمة: من خلال تنظيم ورش العمل التي تركز على تحسين المهارات التقنية والسلوكية.

2. التوجيه الفردي: توفير جلسات توجيه شخصية للمساعدة في معالجة السلوكيات الخاطئة بطريقة أكثر تخصيصًا.

3. التغذية الراجعة المستمرة: تقديم تغذية راجعة من خلال اجتماعات دورية أو تقارير تقييم أداء فردية، مما يساعد الموظفين على فهم كيف يمكنهم تحسين سلوكياتهم.

رابعًا: وضع معايير واضحة للأداء والسلوك

تعتبر المعايير الواضحة أحد أهم الأدوات التي تضمن التحكم في السلوكيات داخل بيئة العمل. إن غياب المعايير أو عدم وضوحها يساهم في زيادة السلوكيات الخاطئة أو الالتباسات بين الموظفين. لهذا السبب، يجب على الإدارات وضع معايير واضحة تتعلق بالأداء، الانضباط، والسلوك العام في العمل.

يجب أن تشمل هذه المعايير ما يلي:

1. المواعيد والانضباط: وضع مواعيد واضحة للعمل والاجتماعات، مع تحديد العواقب المترتبة على التأخير.

2. التعاون والاحترام المتبادل: التأكيد على أهمية التعاون بين الفرق واحترام الزملاء.

3. التصرفات المهنية: تحديد السلوكيات المهنية المرفوضة مثل استخدام اللغة غير اللائقة أو الانشغال بالأمور الشخصية أثناء ساعات العمل.

4. التقييم العادل للأداء: وضع معايير تقييم أداء عادلة ومحددة لجميع الموظفين.

يجب نشر هذه المعايير بين الجميع بشكل دوري وفتح قنوات للتفاعل والنقاش حولها لضمان فهم الجميع لها وتطبيقها بفاعلية.

خامسًا: التأكيد على أهمية تحمل المسؤولية

في بعض الأحيان، قد لا يدرك الموظف عواقب سلوكه الخاطئ إلا إذا تم تسليط الضوء على تأثيره على الفريق أو الشركة. من الضروري أن يتم تشجيع الموظفين على تحمل المسؤولية عن أفعالهم، وأن يتم توجيههم نحو تحسين سلوكهم بشكل مستقل. يتحقق ذلك من خلال التأكيد على الممارسات التي تساعد الموظف على تقييم سلوكه ومراجعته بنفسه.

يمكن تحقيق ذلك عبر:

1. التحفيز على الوعي الذاتي: تشجيع الموظفين على التأمل في سلوكهم وكيفية تأثيره على زملائهم والمشروعات.

2. مراقبة التقدم بشكل مستمر: تحديد أوقات لمراجعة الأداء والتقدم في تطبيق التعديلات على السلوك.

3. تحمل العواقب: في حال استمر الموظف في سلوكياته الخاطئة رغم المحاولات المستمرة، يجب أن تكون هناك عواقب واضحة، قد تتراوح بين التنبيه الرسمي أو حتى اتخاذ إجراءات تأديبية.

سادسًا: تعزيز بيئة العمل الإيجابية

البيئة الإيجابية هي البيئة التي تعزز من التعاون والمشاركة بين الموظفين، وتقوي الروابط بين الأفراد، مما يقلل من السلوكيات السلبية. عندما يشعر الموظفون بالتقدير والمكافأة، فإنهم يكونون أكثر التزامًا وتفانيًا في العمل.

من أجل تعزيز بيئة العمل الإيجابية، يمكن القيام بالآتي:

1. تشجيع التعاون: تنظيم أنشطة جماعية وفرق عمل لتحفيز روح التعاون بين الموظفين.

2. الاحتفاء بالإنجازات: الاعتراف بالإنجازات الفردية والجماعية سواء كانت صغيرة أو كبيرة، مما يعزز الثقة بالنفس ويشجع على الأداء الجيد.

3. الاستماع لمقترحات الموظفين: فتح قنوات تواصل لتبادل الأفكار والمقترحات من جميع الموظفين، الأمر الذي يعزز من شعورهم بالتقدير والمشاركة في اتخاذ القرارات.

سابعًا: تطبيق نظام المكافآت والعقوبات بشكل عادل

لتعديل السلوكيات الخاطئة، يعد تطبيق نظام المكافآت والعقوبات من الوسائل الفعّالة إذا تم تطبيقه بشكل عادل وشفاف. المكافآت يمكن أن تكون معنوية أو مادية، وتعزز من السلوكيات الإيجابية، بينما العقوبات يجب أن تكون واضحة ومبنية على سياسات متفق عليها مسبقًا.

المكافآت يمكن أن تشمل:

• مكافآت مالية: مكافآت أداء شهري أو سنوي.

• مزايا إضافية: مثل الإجازات أو الترقية.

• التقدير العام: تقديم شهادات تقدير أو تخصيص وقت للاحتفاء بالإنجازات.

أما العقوبات فيجب أن تكون متناسبة مع نوع السلوك الخاطئ ويجب تطبيقها بطريقة شفافة، مثل:

• التنبيه الرسمي: في حال تكرار الخطأ.

• خفض التقدير: في التقييم السنوي.

• العقوبات التأديبية: في حال الاستمرار في السلوكيات غير المقبولة.

خاتمة

إن معالجة السلوكيات الخاطئة في بيئة العمل تتطلب تفهمًا عميقًا ومرونة من الإدارة. من خلال تحديد السلوكيات الخاطئة بدقة، والتواصل الفعّال، والتدريب المستمر، ووضع معايير واضحة، يمكن تحسين بيئة العمل وتقليل السلوكيات غير المرغوب فيها. في نهاية المطاف، يتطلب ذلك تطبيق هذه الاستراتيجيات بشكل مستمر ومتسق لضمان تحقيق بيئة عمل مثالية تدفع بالأفراد نحو النجاح والإنتاجية.